» » كتاب الجينات والشعوب واللغات

كتاب  الجينات والشعوب واللغات


المؤلف : لويجي كافللي سفورزا 
ترجمة : د. أحمد مستجير 
الناشر : المشروع القومي للترجمة 



 
علم الجينات يكشف عن الأسباب الحقيقية وراء قدرة الإنسان على تعلم اللغات الحية بسرعة !     
  
هذا الكتاب الشيق يعتبر تأريخـًا للمائة ألف عامٍ الأخيرة ، وهو يرتكز على علم الآثار القديمة "الأركيولوجيا" ، وعلم الوراثة وعلم اللغة . 
  
وأبوابه الرئيسة عن الجينات والتاريخ - طريق في الغابة - عن آدم وحواء - الثورات التكنولوجية وجغرافيا الجينات - الجينات واللغات - نقل الثقافة والتطور ، هذا والكتاب مزود بمعجم عربي - إنجليزي - ، وإنجليزي - عربي للمصطلحات الواردة في متن الكتاب ، كما يضم الكتاب كذلك بعض الخرائط والرسوم التوضيحية . 
   
وحين نعود للحديث عن موضوع الكتاب ، الذي يرى مؤلفه أن كل عشيرة هي عالم مصغَّر يلخص عالم البشر كله ، حتى لو تباين التركيب الوراثي الدقيق ، هذا التباين بين أي فردين عشوائيين داخل أي عشيرة واحدة ، يبلغ (85%) من التباين بين أي فردين اختيرا عشوائيـًا من عشيرة البشر بالعالم كله ، إن البيانات الوراثية للعشائر الموجودة ، والجينات وتكرار الجينات ، تعتبران من أكثر المصادر ثراءً للمعلومات التطورية ، أي التي تدل على تاريخ تطور الإنسان . 
  
ويفاجئنا المؤلف بسؤال عن موعد ظهور الجلد الأبيض ؟    ويقول إنه ليس من المستحيل أن يكون قد نشأ في أفريقيا ذاتها سواء في شمالها أو في الشمال والشرق معـًا ، وأنه ليس لدينا ما يكفي من المعلومات حول الجينات المسؤولة عن لون الجلد ، سوى أن هناك على الأقل ثلاثة جينات أو أربعة هي المسؤولة عن ذلك ، ويقول إن الأوروبيين هم نتيجة المزج الوراثي الناجم ، - على أغلب الظن - عن هجرات من القارتين المجاورتين ، أفريقيا وآسيا ، فإذا ما حاولنا تحديد التركيب المضبوط لهذا الخليط ، فسيكون الأوروبيون خليطـًا ثلثيه آسيوي ، والثلث أفريقي ، وأن البيانات تقترح موعداً بعيداً في حدود 30 ألف عام .         
 
وعن اللغة البشرية ، يقول المؤلف ، إنها وصلت إلى حالتها الراهنة من التطور منذ (50-150) ألف عام ، وقد بلغت حوالي خمسة آلاف لغة أو أكثر ، وأن لها نفس المرونة ، ولها نفس إمكانيات التعبير . وأن كل البشر من ذوي الذكاء المتوسط ، يمكن أن يتقنوا أي لغة إذا ما بدأوا في عمر مبكر ، أما بعد عمر خمس أو ست سنوات ، فيكاد يستحيل أن يتقن الطفل لغة جديدة ويتحدثها بفصاحة 
 
مفهوم التطور 
    
ولكن لماذا يوجد تشابه بين التطور البيولوجي واللغوي ؟ يذكر المؤلف أن "هناك تشابهات مهمة بين تطور الجينات واللغات ، ففي كلتا الحالتين يمكن لتغير أن يظهر في فرد واحد ، وأن ينتشر فيما بعد في العشيرة كلها ، وتُسمَّى مثل هذه التغيرات في الجينات باسم "الطفرات" وهي تمرر من جيل إلى جيل ، ومن الممكن أن يزداد تكرارها بعد عدد كبير من الأجيال ، بل وقد ينتهي الأمر بأن تحل الطفرة محل النمط الأصلي كلية ، والجينوم محفوظ ومحمي جيداً من التأثيرات الخارجية ، والطفرات الوراثية نادرة ، ويتم انتقالها فقط من الأب أو الأم إلى النسل ، أما التغيرات اللغوية فهي أكثر تكراراً ، كما تنتقل أيضـًا بين أفراد لا تربطهم صلة قرابة ، ونتيجة لها تتغير اللغة بصورة أسرع من الجينات . فإذا كانت الكلمة تقاوم التغير في الواقع ألف عام ، فإن الجين يبقى بالفعل دون تغير ملايين بل بلايين الأعوام" . 
   
ورغم هذه الفروق فإن هناك سببين كي نتوقع تشابها مهمة في تطور هاتين المنظومتين . 
   
وبادئ ذي بدئ ، يؤكد المؤلف أنه ليس ثمة سبب للاعتقاد بأن للجينات أثراً على قدرة الفرد على التحدث بلغة دون أخرى ، وأن للإنسان المعاصر القدرة على تعلم أية لغة ، أما أول ما يتعلمه من اللغات ، فهو أمر يرجع لتاريخ ميلاده وموطنه . 
 
وإذا كان ثمة تفاعل بين الجينات واللغات ، فإن اللغات هي التي تؤثر في الجينات ، لماذا ؟ لأن الفروق اللغوية بين العشائر تقلل فرصة التبادل الوراثي بينها .            
 
ويعود المؤلف للسؤال ، كيف يمكن لهاتين المنظومتين المختلفتين جداً ، الجين واللغة ، أن يسلكا مسارين متوازيين ؟ والإجابة كما ساقها المؤلف ، هي أنه إذا تمايزت كل عشيرتين معزولتين تمايزاً وراثيـًا ولغويـًا ، فالانعزال يقلل من احتمال الزواج بين العشائر ، ومن ثم فإذا ما عزلت عشيرتين عن بعضهما ، تطورتا مستقلتين ، وأصبحتا بالتدريج مختلفتين ، ويحدث التمايز الوراثي بين العشائر في بطء ، ولكن على نحو منتظم عبر الزمن . ونفس الشيء يحدث بالنسبة للغة ، فالانعزال يقلل التبادل الثقافي بين العشيرتين ، فتتباعد لغتاهما وتمضي كل منهما في طريقها . 
   
في الفصل الأخير من الكتاب يحدثنا المؤلف عن نقل الثقافة والتطور ، فيذكر لنا تعريفـًا مطولاً للثقافة ، وكيف أنها الدرب الوحيد الذي يسمح للمعارف عن المعالم أن تتراكم عبر الأجيال ، ولكن كيف تنقل الثقافة ؟ 
   "
نكتسب ثقافتنا ممن هم حولنا ثم نمررها بدورنا إلى الآخرين ، ولكن هناك اختلاف مهم في نقل الصيغ الثقافية ، فهناك النقل الرأسي الذي يصف مرور المعلومات من الآباء إلى الأبناء ، والنقل الأفقي الذي يشمل كل السبل الأخرى بين الأفراد غير الأقارب" .  
  
ونجد أن التطور الثقافي يعتبر بطيئـًا تحت نظام النقل الرأسي ، الذي يشبه النقل الوراثي ؛ لأن وحدة الزمن فيه تكون هي الجيل ، أما النقل الأفقي فمن الممكن أن يكون سريعـًا ؛ لأنه يتم بين أفراد غير أقارب وبطرق كثيرة .    التفاني والتكيف 
   
ثم تحدث المؤلف كذلك عن الثقافة كوسيلة للتكيف البيولوجي ، فذكر أن القدرة على التعلم هي واحدة من أهم الخصائص الأساسية للحياة ، أما الثقافة ، أي القدرة على التعلم من تجارب الآخرين ، فهي ظاهرة خاصة تعتمد على سرعة التواصل مع الآخرين 
  
ويؤكد المؤلف في نهاية الفصل أن المستقبل البشري من المنظور الوراثي ، لا يحمل الكثير من الإثارة ؛ لأن نوعنا لن يتطور بالسرعة التي تطور بها حتى الآن 
  
لقد تسبب التطور الثقافي في إبطاء التطور البيولوجي بشكل واضح ، فالتقدم في الطب يكاد يقضي على أمراض الموت قبل أن يتزوج كل فرد وينجب 



عن فريق الموقع

إبتدائية الجزائر جزء من شبكة نور الجزار نسعى إلى جمع و ترتيب أكبر قدر ممكن من المحتوى التعليمي المتميز
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد